أكد الدكتور وائل المحميد استشاري أمراض القلب في مدينة الشيخ خليفة الطبية ورئيس المؤتمر الدولي «التبغ أو الصحة 2015»، الذي تنطلق فعاليات دورته 16 في أبوظبي اليوم، ويستمر لغاية 21 الجاري، أن تعاطي التبغ ومنتجاته مسؤول عن 6 ملايين وفاة تحدث سنوياً على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 8 ملايين وفاة بحلول عام 2030، محذراً من أنه ما لم تتخذ إجراءات فورية وحاسمة لمحاصرة انتشار التبغ، فإنه من المتوقع أن يموت مليار شخص خلال القرن 21، جراء الأمراض التي يسببها التبغ، مشيراً إلى أن منتجات التبغ قضت فعلياً على نحو 100 مليون مدخن خلال القرن الماضي، 80 % منهم من الدول النامية والفقيرة.

وقال الدكتور المحميد لـ «البيان»، إن المؤتمر يعد جرس إنذار لحكومات العالم والمنظمات الدولية المعنية لزيادة الانتباه إلى الآثار المدمرة للتبغ، والحد من استخدام منتجاته في العالم، خاصة الدول النامية، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن شركات التبغ تتجه في خططها الترويجية إلى استقطاب النساء والمراهقين والشباب، كما أن حوالي 80 % من الأمراض التي يسببها التبغ، والموت يكون في الدول الفقيرة والنامية، وأن التدخين يقتل أشخاصاً، وهم في ذروة القدرة على الإنتاج والكسب، ما يحرم الأسر من معيليها، والدول من قواها العاملة والإنتاجية.

كارثة صحية

وذكر أنه وفق تقديرات عالمية، فإن استخدام التدخين حالياً يتسبب في حالة واحدة من بين كل 6 حالات من الوفيات الناجمة عن أمراض غير معدية، فضلاً عن أن نصف متعاطي التبغ الحاليين سيلقون حتفهم في نهاية المطاف بسبب أمراض متعلقة به، ولعل هذه هي المرة الأولى التي يركز فيها المؤتمر العالمي حول التبغ أو الصحة على هذا الرابط المباشر بين التبغ والأمراض غير المعدية.

وذكر أن المؤتمر العالمي حول «التبغ أو الصحة»، سيقدم 400 منحة دراسية لحضور المؤتمر لوفود من البلدات النامية، من بينها بنغلاديش، والصين، والهند، وإندونيسيا، وباكستان.

اتفاقات إطارية

وقال الدكتور المحميد إن المؤتمر خصص عدة جلسات لتسليط الضوء على الجهود المبذولة للسيطرة على انتشار التبغ والحد من تفاقمه على مستوى العالم، مثل الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ وبرنامج السياسات الست، وإعطاء جميع المشاركين، الفرصة لمناقشة الوضع الحالي، والتوصل إلى مقترحات بشأن كيفية تسريع مكافحة التبغ في جميع أنحاء العالم، إلى جانب الوقوف على استراتيجيات شركات التبغ وخططها الجديدة لترويج منتجاتها ومخططاتها لعرقلة تنفيذ الاتفاقية الإطارية، لمكافحة التبغ وبرنامج السياسات الست، وهي: رصد تعاطي التبغ وسياسات توقيه، وحماية الناس من دخانه، وعرض المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ، التحذير من أخطاره، وحظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته، وزيادة الضرائب المفروضة على جميع أنواع التبغ.

وأوضح أن برنامج المؤتمر سيشتمل على مناقشات حول التقدم العالمي والإقليمي المحرز في تدابير الحد من الطلب على التبغ، وفق الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، وهي معاهدة عالمية تحتفي هذا العام بمرور 10 سنوات على إنفاذها، وإيجاد التدابير اللازمة للحد من الطلب، التي تدعم تعزيز تفعيل بعض أحكام الاتفاقية على أرض الواقع، إلى جانب بحث تأثير التبغ في الشباب والعبء الاقتصادي للأمراض المتعلقة بالتدخين والتطورات الجديدة في توحيد طرق التعبئة والتغليف والضرائب والإعانات، وكذلك تأثير استخدام التبغ في مستخدمي التبغ أنفسهم.

جهود الإمارات

وفي ما يتعلق بجهود الدولة في مكافحة التدخين، قال الدكتور المحميد، إن الإمارات من أوائل الدول التي وقعت وصادقت على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ في نوفمبر من عام 2005، وتضم حالياً 174 دولة تمثل 87.4 % من سكان العالم، كما أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، القانون الاتحادي رقم (15) لعام 2009، بشأن مكافحة التبغ وصدور اللائحة التنفيذية له، حيث حظر القانون إدخال التبغ ومنتجاته إلى الإمارات، إلا بشروط ومواصفات قياسية متبعة في الدولة، ومن ضمنها، وجود عبارات وصور تحذيرية واضحة على العبوات، إضافة إلى منع كافة أشكال الإعلان والترويج والدعاية أو الرعاية لأي من منتجات التبغ، وحظر التدخين في وسائل النقل العام والأماكن العامة المغلقة، إضافة إلى حظر ترخيص المقاهي، أو ما يماثلها داخل الأبنية أوالسكنية، ومنع التدخين أثناء قيادة السيارة الخاصة حال وجود الأطفال.

وأكد الدكتور المحميد أن الدولة لا تزال تبذل جهوداً كبيرة لتقليص المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين، والحد من الأمراض غير المعدية «المزمنة» التي يسببها التدخين، وذلك من خلال حظر دعايات شركات التبغ المضللة، واستحداث آليات قوية وصارمة لمكافحة التبغ، إلى جانب إنشاء العيادات لمساعدة آلاف المدخنين على الإقلاع عن التدخين، لافتاً إلى أن المؤتمر سيكون فرصة متميزة لالتقاء أصحاب المصلحة متعددة القطاعات، لتقييم الاستراتيجيات العالمية الحالية لمكافحة التبغ.

800 ملخص علمي و74 ندوة

 

يجتمع في أبوظبي اليوم، ولمدة 5 أيام متواصلة، الأطراف المعنيون من مختلف القطاعات من جميع أنحاء العالم لمكافحة التبغ وتعزيز الصحة، حيث تجري حلقات النقاش والندوات والملصقات وحلقات العمل ودورات الدراسات العليا، لتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتوسيع نطاق مكافحة التبغ، والتحديات والحلول اللازمة، وذلك بمشاركة أكثر من 3 آلاف خبير ومتخصص من 100 دولة.

ويتضمن برنامج المؤتمر، الذي يركز على قضية «التبغ والأمراض المزمنة»، جلسات عامة وندوات ومحاضرات ودراسات علمية، تعكس الواقع الحقيقي لتأثير منتجات التبغ في الصحة في مختلف دول العالم والجهود الدولية للمكافحة والحد من انتشاره، إلى جانب مجموعة من القضايا العالمية لمكافحة التبغ، ومنها جلسة عامة وزارية رفيعة المستوى حول مكافحة التبغ والأمراض غير المعدية، والضرائب على التبغ والتحديات الحالية وأفضل الممارسات المتبعة من قبل الدول، وسُمّية تدخين النرجيلة، وآثاره الصحية وفرص التمويل الحالية وأنظمة توصيل النيكوتين الإلكترونية، ومدى إمكان استخدام السجائر الإلكترونية للقضاء على السجائر التقليدية.

ويستعرض المؤتمر أكثر من 800 ملخص علمي، و74 ندوة وجلسة مناقشات، و20 ورشة عمل، ودورتين تدريبيتين للخريجين لتلبية الأهداف المتعلقة بالأمراض المزمنة، ووسائل التواصل الاجتماعي لمكافحة التبغ والوقاية من الأمراض المزمنة في البلدان منخفضة أو متوسطة الدخل. ويركز مؤتمر «التبغ أو الصحة 2015»، على علاقة التبغ بالأمراض غير المعدية «الأمراض المزمنة»، والبحث في كيفية تقليص الوفيات الناجمة عن تلك الأمراض.